الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط
.باب صلاة المسافر: رَجُلٌ صَلَّى بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ رَكْعَتَيْنِ وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ قَامَ بَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ مِنْ الْمُسَافِرِينَ فَتَكَلَّمُوا ثُمَّ نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ حَصَلَتْ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ مِنْ الْمُسَافِرِينَ إتْمَامُ الصَّلَاةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا مُقِيمِينَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ تَبَعًا لِإِمَامِهِمْ وَمَنْ تَكَلَّمَ مِنْهُمْ فِي صَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ حُرْمَتِهَا فِي وَقْتٍ لَوْ خَرَجَ إمَامُهُمْ مِنْهَا كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُهُمْ صَلَاةُ الْمُقِيمِينَ بِاعْتِبَارِ التَّبَعِيَّةِ.وَمَنْ تَكَلَّمَ مِنْهُمْ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِلْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ فَرْضُ الْإِمَامِ، وَمَنْ تَكَلَّمَ مِنْهُمْ بَعْدَمَا نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ تَغَيَّرَ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ الْإِقَامَةَ فَيَكُونُ هُوَ مُتَكَلِّمًا فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَإِنْ قَامَ بَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ مِنْ الْمُقِيمِينَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ ثُمَّ نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ فَهَذَا الرَّجُلُ خَارِجٌ مِنْ صَلَاتِهِ يُتِمُّ بَقِيَّةَ الصَّلَاةِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحْكَمَ انْفِرَادُهُ حِينَ قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ فَإِنْ عَادَ إلَى مُتَابَعَتِهِ فِي الرَّابِعَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ اقْتَدِي بِهِ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ انْفِرَادُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَرَأَ وَرَكَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى مُتَابَعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْكِمْ انْفِرَادُهُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ فَكَانَ كَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَقُمْ بَعْدُ مِنْ الْمُقِيمِينَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَ الْإِمَامَ فِي إتْمَامِ الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَكِنَّهُ سَجَدَ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ.وَمَنْ اقْتَدَى فِي مَوْضِعٍ كَانَ عَلَيْهِ الِانْفِرَادُ أَوْ انْفَرَدَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ انْفِرَادَهُ إنَّمَا اسْتَحْكَمَ بِتَقْيِيدِهِ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ يَحْتَمِلُ الرَّفْضَ وَالرَّكْعَةُ الْكَامِلَةُ لَا تَحْتَمِلُهُ؛ وَلِأَنَّ زِيَادَةَ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَزِيَادَةُ الرَّكْعَةِ الْكَامِلَةِ يُفْسِدُهَا فَإِنَّ الرَّكْعَةَ الْكَامِلَةَ إذَا لَمْ يُحْتَسَبْ بِهَا مِنْ الْفَرِيضَةِ كَانَتْ نَافِلَةً وَخَلْطُ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ قَبْلَ إكْمَالِ الْفَرْضِ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ ثُمَّ تَكَلَّمَ بَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاةُ مَنْ تَكَلَّمَ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَانَتْ صَلَاتُهُ فَاسِدَةً، وَيَقُومُ الْإِمَامُ فَيُتِمُّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَيَقْرَأُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَبِي يُوسُفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا ظُهْرَ الْمُسَافِرِ كَفَجْرِ الْمُقِيمِ فَتَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَتَوَقَّفُ حُكْمُ الْفَسَادِ بِتَوَقُّفِ حَالِ فَرِيضَتِهِ فَإِنَّ فَرْضَهُ فِي الْوَقْتِ بِغَرَضِ التَّغْيِيرِ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فَإِذَا نَوَى الْإِقَامَةَ فِي الِانْتِهَاءِ يَجْعَلُ ذَلِكَ كَنِيَّتِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَتَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمُقِيمِ لَا يَكُونُ مُفْسِدًا لِصَلَاتِهِ حَتَّى إذَا قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً فَكَذَلِكَ هُنَا، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّ بِمُجَرَّدِ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ لَا يَخْرُجُ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمَا فَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ مِنْ الْمُقِيمِينَ قَامَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ، وَسَجَدَ ثُمَّ نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ فَصَلَاةُ هَذَا الرَّجُلِ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحْكَمَ انْفِرَادُهُ قَبْلَ تَمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي حَالٍ لَوْ تَكَلَّمَ فِيهِ الْإِمَامُ كَانَتْ صَلَاتُهُ فَاسِدَةً، وَإِنْ كَانَ قَرَأَ، وَرَكَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ يَرْفُضُ مَا صَنَعَ، وَيَعُودُ إلَى إتْمَامِ صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْكِمْ انْفِرَادُهُ بَعْدُ، وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ سَجَدَ بَعْدَمَا نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ وَلَوْ أَنَّ مُسَافِرًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَظَنَّ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَنَّهُ إنَّمَا صَلَّى رَكْعَةً فَقَامَ، وَقَرَأَ، وَرَكَعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ وَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، وَإِنْ سَجَدَ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ وَكَذَلِكَ إنْ سَجَدَ بِمَدِّ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ قَبْلَ أَنْ يُعِيدَ الْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ يَحْتَمِلُ الرَّفْضَ فَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ صَارَ هَذَا وَنِيَّةُ الْإِقَامَةِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ إلَى الثَّالِثَةِ سَوَاءٌ، فَإِنْ كَانَ سَجَدَ فَهَذِهِ الرَّكْعَةُ نَافِلَةٌ فِي حَقِّهِ لَا تَحْتَمِلُ الرَّفْضَ وَاشْتِغَالُهُ بِالنَّفْلِ قَبْلَ إكْمَالِ الْفَرْضِ مُفْسِدٌ لِصَلَاتِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ سَجَدَ بَعْدَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ بِهَذِهِ السَّجْدَةِ يَتَقَيَّدُ مَا أَدَّى مِنْ الرَّكْعَةِ، وَهِيَ نَافِلَةٌ وَالنَّفَلُ لَا يَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ أَعَادَ الْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ فَقَدْ صَارَ رَافِضًا لِمَا زَادَ مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ فَتَجُوزُ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ فَقَدْ اسْتَحْكَمَ خُرُوجُهُ مِنْ الْفَرْضِ بِتَقْيِيدِ الرَّكْعَةِ بِالسَّجْدَةِ فَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَلَكِنَّهُ مُتَنَفِّلٌ بِرَكْعَةٍ فَيُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى لِيَكُونَ شَفْعًا، وَإِنْ كَانَ رَكَعَ، وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى نَوَى الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الرُّكُوعَ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ تَغَيَّرَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَحْكِمُ خُرُوجُهُ مِنْ الْفَرْضِ مَا لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ مَا أُدِّيَ كَانَ نَافِلَةً، وَالْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ فَرْضٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَفِي الْكِتَابِ ذَكَرَ إعَادَةَ الرُّكُوعِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْكَعُ عَنْ قِيَامٍ، وَفَرْضُ الْقِيَامِ إنَّمَا يَتَأَدَّى بِأَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ لِتَرْكِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ فِي الْفَرِيضَةِ وَأَدَاءِ النَّافِلَةِ قَبْلَ إكْمَالِ الْفَرِيضَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى قَامَ سَاهِيًا ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى قِيَامِهِ، وَلَا يَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ، وَالْمُقِيمُ بَعْدَمَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ سَاهِيًا لَا يَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَوْدِ مِنْ الْفَرْضِ إلَى السُّنَّةِ، فَإِنْ كَانَ عَادَ إلَى الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ ثُمَّ نَوَاهَا قَبْلَ إتْمَامِ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ التَّشَهُّدَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْعَوْدُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَ فَرْضُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ، وَهُوَ قَاعِدٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ التَّشَهُّدَ ثُمَّ يَقُومُ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ مُسَافِرٌ اقْتَدَى بِمُقِيمٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ فَإِنْ تَكَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ عَلَى حَالِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ حِينَ تَكَلَّمَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ ثُمَّ تَكَلَّمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ بِالشُّرُوعِ يَكُونُ مُلْتَزِمًا صَلَاةَ الْإِمَامِ، وَصَلَاةُ الْإِمَامِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَهُنَا بِالشُّرُوعِ مَا قَصَدَ الْتِزَامَ شَيْءٍ وَإِنَّمَا قَصَدَ إسْقَاطَ الْفَرْضِ عَنْ ذِمَّتِهِ وَتَغَيَّرَ فَرْضُهُ حُكْمًا لِلْمُتَابَعَةِ فَإِذَا انْعَدَمَتْ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي صَلَاتِهِ أَصْلًا.وَلَوْ نَامَ هَذَا الْمُسَافِرُ خَلْفَ الْمُقِيمِ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ وَاللَّاحِقُ فِي حُكْمِ الْمُقْتَدِي فَإِنْ تَكَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ إنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَمَا تَكَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ بِالْكَلَامِ يَخْرُجُ عَنْ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فَتَبْقَى نِيَّةُ الْإِقَامَةِ مِنْهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَذَلِكَ لَا يُغَيِّرُ فَرْضَهُ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ رَكْعَتَيْنِ وَهُنَا الْوَاجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قُلْنَا: نَعَمْ وَلَكِنْ وُجُوبُ الْأَرْبَعِ عَلَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَانَ مِنْ الْمُتَابَعَةِ، وَقَدْ انْعَدَمَ ذَلِكَ حِينَ تَكَلَّمَ فَكَانَ هَذَا وَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ فَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً سَافَرَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَنَوَى هُوَ أَنْ يُقِيمَ فِي مَوْضِعٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَعَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعًا، وَإِنْ لَمْ تَنْوِ الْإِقَامَةَ.وَلَوْ أَنَّهَا نَوَتْ الْإِقَامَةَ دُونَ الزَّوْجِ كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلزَّوْجِ فِي السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ}.وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ تَغَيُّرُ النِّيَّةِ مِمَّنْ هُوَ أَصْلٌ دُونَ مَنْ هُوَ تَبَعٌ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي التَّبَعِ بِثُبُوتِهِ فِي الْأَصْلِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ هَذَا إذَا كَانَتْ قَدْ اسْتَوْفَتْ صَدَاقَهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ اسْتَوْفَتْ صَدَاقَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا الزَّوْجُ فَإِنَّهَا تَعْتَبِرُ نِيَّتَهَا؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا لِاسْتِيفَاءِ الصَّدَاقِ فَلَا تَخْرُجُ مَعَ زَوْجِهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَعَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي ثُبُوتِ حَقِّ الْحَبْسِ لَهَا لِاسْتِيفَاءِ الصَّدَاقِ، وَقِيلَ بَلْ هُوَ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا فَمَا لَمْ تَحْبِسْ كَانَتْ تَابِعَةً لِزَوْجِهَا، وَإِنَّمَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا نَوَتْ الْإِقَامَةَ أَوْ السَّفَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ قَصَدَتْ حَبْسَ نَفْسِهَا عَنْ زَوْجِهَا وَعَلَى هَذَا حُكْمُ كُلِّ تَبَعٍ مَعَ أَصْلِهِ كَالْعَبْدِ مَعَ سَيِّدِهِ وَالْأَجِيرِ لِلْخِدْمَةِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْجُنْدِيِّ مَعَ السُّلْطَانِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ مِمَّنْ هُوَ أَصْلٌ دُونَ التَّبَعِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ خَلَّى بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَبَيْنَ النِّيَّةِ الْآنَ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا أَصْلَيْنِ بِهَذِهِ التَّخْلِيَةِ مَا لَمْ يَرْجِعْ الزَّوْجُ، وَالسَّيِّدُ عَنْهَا (قَالَ): كُوفِيٌّ خَرَجَ يُرِيدُ مَكَّةَ فَلَمَّا انْتَهَى إلَى الْحِيرَةِ تَوَضَّأَ وَافْتَتَحَ الصَّلَاةَ ثُمَّ رَعَفَ فَنَوَى الرُّجُوعَ إلَى الْكُوفَةِ ثُمَّ أَصَابَ الْمَاءَ فِي مَكَانِهِ فَتَوَضَّأَ صَلَّى أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَى الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ فِي فِنَاءِ وَطَنِهِ فَقَدْ صَارَ رَافِضًا لِسَفَرِهِ وَالْتَحَقَ بِالْمُقِيمِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا، وَكَذَلِكَ إنْ تَكَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا بِنِيَّتِهِ الْأُولَى فِي هَذَا الْمَكَانِ فَلَا يَصِيرُ مُسَافِرًا مَا لَمْ يَرْتَحِلْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَكِنْ قِيلَ لَهُ: إنَّ أَمَامَك مَاءً عَلَى رَأْسِ غَلْوَةٍ فَمَشَى إلَيْهِ فَتَوَضَّأَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ بِنِيَّتِهِ الْأُولَى وَلِأَنَّهُ بِالتَّوَجُّهِ أَمَامَهُ لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا بَعْدَمَا صَارَ مُقِيمًا؛ لِأَنَّ السَّفَرَ عَمَلٌ وَحُرْمَةُ الصَّلَاةِ تَمْنَعُهُ مِنْ مُبَاشَرَةِ عَمَلٍ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فَإِنَّهُ تَرْكٌ لِلسَّفَرِ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ فَحُرْمَةُ الصَّلَاةِ لَا تَمْنَعُ مِنْهُ فَإِنْ تَكَلَّمَ بَعْدَمَا مَشَى أَمَامَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُنْشِئٌ لِلسَّفَرِ بِمَشْيِهِ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَلَوْ أَنَّ خُرَاسَانِيًّا أَوَطَنَ الْكُوفَةَ سَنَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعِهَا، وَهَذَا وَطَنٌ مُسْتَعَارٌ لَهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْأَوْطَانَ ثَلَاثَةٌ فَعَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ بَنَى هَذِهِ الْمَسَائِلَ فَقَالَ: إنْ خَرَجَ هَذَا الْخُرَاسَانِيُّ مَعَ كُوفِيٍّ إلَى مَكَّةَ فَلَمَّا انْتَهَيَا إلَى الْحِيرَةِ نَوَيَا الْإِقَامَةَ بِالْقَادِسِيَّةِ شَهْرًا فَعَلَى الْكُوفِيِّ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا وَالْخُرَاسَانِيُّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَدْخُلَ الْقَادِسِيَّةَ عَلَى نِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ وَطَنَ الْكُوفِيِّ بِالْكُوفَةِ وَطَنٌ أَصْلِيٌّ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ عَلَى قَصْدِ السَّفَرِ فَإِنَّمَا نَوَى الْإِقَامَةَ فِي فِنَاءِ وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَادِسِيَّةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ الْكُوفَةِ فَصَارَ هُوَ مُقِيمًا مِنْ سَاعَتِهِ وَوَطَنُ الْخُرَاسَانِيِّ بِالْكُوفَةِ كَانَ مُسْتَعَارًا فَانْتَقَضَ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْكُوفَةِ عَلَى قَصْدِ السَّفَرِ فَهُوَ مُسَافِرٌ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعٍ فَمَا لَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا.فَإِذَا دَخَلَا الْقَادِسِيَّةَ صَلَّيَا أَرْبَعًا حَتَّى يَخْرُجَا مِنْهَا إلَى مَكَّةَ فَإِنْ بَدَا لَهُمَا أَنْ لَا يُقِيمَا بِالْقَادِسِيَّةِ بَعْدَ نِيَّتِهِمَا الْأُولَى، وَهُمَا بِالْحِيرَةِ بَعْدُ فَإِنَّ الْكُوفِيَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا وَالْخُرَاسَانِيُّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكُوفِيَّ مُقِيمٌ بِنِيَّتِهِ الْأُولَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَلَا يَصِيرُ مُسَافِرًا بِرَفْضِ النِّيَّةِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا وَإِنَّ شَخْصًا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ صَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ نَوَيَا مِنْ الْحِيرَةِ أَنْ يَخْرُجَا إلَى خُرَاسَانَ وَيَمُرَّانِ بِالْكُوفَةِ فَالْخُرَاسَانِيُّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَالْكُوفِيُّ يُصَلِّي أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ عَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطَنِهِ دُونَ مَسِيرَةِ سَفَرٍ فَيَصِيرُ مُقِيمًا فِي الْحَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى خُرَاسَانَ، وَإِنْ نَوَيَا الذَّهَابَ إلَى خُرَاسَانَ وَلَا يَمُرَّانِ بِالْكُوفَةِ صَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكُوفِيَّ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ فَهُوَ مَاضٍ عَلَى سَفَرِهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَالْخُرَاسَانِيِّ.وَإِنْ خَرَجَ الْكُوفِيُّ وَالْخُرَاسَانِيُّ يُرِيدَانِ قَصْرَ ابْنِ هُبَيْرَةَ وَهُوَ عَلَى لَيْلَتَيْنِ مِنْ الْكُوفَةِ صَلَّيَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَعْزِمَا عَلَى السَّفَرِ مِنْ الْكُوفَةِ فَإِنَّ أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَهُمَا أَنْ يُقِيمَا بِالْقَصْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ يَمْضِيَانِ إلَى بَغْدَادَ صَلَّيَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْقَصْرِ إلَى بَغْدَادَ دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ فَإِنْ بَدَا لَهُمَا الرُّجُوعُ مِنْ بَغْدَادَ إلَى الْكُوفَةِ وَيَمُرَّانِ بِالْقَصْرِ فَالْخُرَاسَانِيُّ يُصَلِّي أَرْبَعًا وَالْكُوفِيُّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ وَطَنَ الْخُرَاسَانِيِّ بِالْقَصْرِ كَانَ وَطَنًا مُسْتَعَارًا فَانْتُقِضَ بِهِ وَطَنُهُ بِالْكُوفَةِ وَصَارَ وَطَنُهُ الْقَصْرَ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطَنِهِ دُونَ مَسِيرَةِ سَفَرٍ فَيُصَلِّي أَرْبَعًا، وَأَمَّا وَطَنُ الْكُوفِيِّ بِالْقَصْرِ فَكَانَ وَطَنَ السُّكْنَى؛ لِأَنَّهُ فِي فِنَاءِ وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ وَلَا يَكُونُ لَهُ وَطَنًا مُسْتَعَارًا فِي فِنَاءِ وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ فَإِنَّ الْوَطَنَ الْأَصْلِيَّ يَنْقُضُ الْوَطَنَ الْمُسْتَعَارَ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَهُ وَوَطَنُ السُّكْنَى يُنْتَقَضُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ لَا عَلَى قَصْدِ السَّفَرِ فَالْتَحَقَ هُوَ بَعْدَمَا وَصَلَ إلَى بَغْدَادَ بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ الْقَصْرَ فَإِذَا عَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ فَقَدْ أَنْشَأَ سَفَرًا مِنْ بَغْدَادَ إلَى الْكُوفَةِ، وَإِنْ كَانَا أَوْطَنَا بِبَغْدَادَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ بَدَا لَهُمَا الرُّجُوعُ صَلَّيَا جَمِيعًا رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ وَطَنَ الْخُرَاسَانِيِّ بِالْقَصْرِ قَدْ انْتَقَضَ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ وَطَنُهُ بِبَغْدَادَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا نَوَيَا الْإِقَامَةَ بِالْقَصْرِ وَلَا بِبَغْدَادَ فَإِذَا خَرَجَا مِنْ بَغْدَادَ إلَى الْكُوفَةِ صَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ وَطَنَهُمَا بِالْقَصْرِ كَانَ وَطَنَ السُّكْنَى، وَقَدْ انْتَقَضَ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ وَلَوْ أَنَّ كُوفِيًّا بَاعَ دَارِهِ وَخَرَجَ مَعَ عِيَالِهِ يُرِيدُ أَنْ يُوطِنَ مَكَّةَ فَلَمَّا انْتَهَى إلَى الثَّعْلَبِيَّةِ بَدَا لَهُ أَنْ يُوطِنَ خُرَاسَانَ فَمَرَّ بِالْكُوفَةِ صَلَّى أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الْوَطَنَ الْأَصْلِيَّ لَا يَنْقُضُهُ إلَّا وَطَنٌ أَصْلِيٌّ مِثْلُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَطَنٌ أَصْلِيٌّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَكَانَتْ الْكُوفَةُ وَطَنًا لَهُ فَيُصَلِّي بِهَا أَرْبَعًا فَإِنْ كَانَ أَتَى مَكَّةَ وَدَخَلَهَا عَلَى عَزِيمَتِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى خُرَاسَانَ فَمَرَّ بِالْكُوفَةِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ بِأَهْلِهِ وَثِقَلِهِ عَلَى قَصْدِ التَّوَطُّنِ بِهَا صَارَ ذَلِكَ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ وَانْتَقَضَ وَطَنُهُ بِالْكُوفَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ مُتَوَطِّنًا بِمَكَّةَ فَلَمَّا تَوَطَّنَّ بِالْمَدِينَةِ انْتَقَضَ وَطَنُهُ بِمَكَّةَ حَتَّى لَمَّا دَخَلَهَا قَالَ أَتِمُّوا يَا أَهْلَ مَكَّةَ صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْيَمَنِ وَيَمُرُّ بِمَكَّةَ صَلَّى أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ، وَلَمْ يَتَّخِذْ بَعْدَهَا وَطَنًا آخَرَ وَلَوْ أَنَّ كُوفِيًّا قَدِمَ مَكَّةَ فِي عِيدِ الْأَضْحَى يُرِيدُ الْحَجَّ وَيُرِيدُ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ سَنَةً فَإِنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مِنًى؛ لِأَنَّهُ عَلَى عَزْمِ الْخُرُوجِ مِنْهَا إلَى مِنًى وَعَرَفَاتٍ فَلَا يَصِيرُ مُقِيمًا بِهَذَا الدُّخُولِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى إلَّا أَنْ يَكُونَ حِينَ أَتَاهَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مُقِيمًا ثُمَّ بِالْخُرُوجِ إلَى مِنًى وَعَرَفَاتٍ لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا، وَإِنْ بَدَا لَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مِنًى أَنْ يَنْصَرِفَ إلَى الْكُوفَةِ بَعْدَمَا قَضَى حَجَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِمَكَّةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى مَا دَخَلَهَا عَلَى عَزْمِ الْإِقَامَةِ فَلَا يَصِيرُ مُقِيمًا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا بَدَا لَهُ هَذَا بَعْدَمَا رَجَعَ مِنْ مِنًى صَلَّى أَرْبَعًا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُ سَفَرًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا بِهَا حِينَ دَخَلَهَا عَلَى عَزْمِ الْإِقَامَةِ وَلَوْ أَنَّ خُرَاسَانِيًّا أَوْطَنَ الْكُوفَةَ وَالْحِيرَةَ عِشْرِينَ يَوْمًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ يَكُونَ بِاللَّيْلِ بِالْحِيرَةِ وَبِالنَّهَارِ بِالْكُوفَةِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مُقِيمًا إذَا انْتَهَى إلَى الْحِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ إقَامَةِ الْمَرْءِ حَيْثُ يَبِيتُ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّك تَسْأَلُ السُّوقِيَّ أَيْنَ يُقِيمُ فَيَقُولُ فِي مَحَلَّةِ كَذَا وَيُشِيرُ إلَى مَبِيتِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ بِالنَّهَارِ يَكُونُ فِي السُّوقِ وَلَوْ أَنَّ كُوفِيًّا خَرَجَ حَاجًّا ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْحِيرَةِ فَنَوَى بِهَا الْإِقَامَةَ صَلَّى أَرْبَعًا فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَّةَ فَلَمَّا انْتَهَى إلَى النَّجَفِ وَهُوَ عَلَى رَأْسِ فَرْسَخَيْنِ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْكُوفَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مَا لَمْ يَدْخُلْ الْكُوفَةَ؛ لِأَنَّ الْحِيرَةَ كَانَتْ وَطَنَ السُّكْنَى فِي حَقِّهِ فَانْتَقَضَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا وَالْتَحَقَ بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْحِيرَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ مِنْ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَاضٍ عَلَى سَفَرِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ الْكُوفَةَ فَإِنَّ وَطَنَهُ بِالْحِيرَةِ كَانَ وَطَنَ السُّكْنَى وَلَوْ أَنَّ كُوفِيَّيْنِ خَرَجَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِهِ يُرِيدُ مَكَّةَ وَأَقْبَلَ الْآخَرُ مِنْ الشَّامِ يُرِيدُ الْكُوفَةَ فَالْتَقَيَا بِالْحِيرَةِ، وَقَدْ حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَافْتَتَحَا الصَّلَاةَ ثُمَّ رَعَفَا فَأَقْبَلَا يُرِيدَانِ الْكُوفَةَ ثُمَّ أَصَابَا مَاءً قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَا إلَى بُنْيَانِ الْكُوفَةِ فَاَلَّذِي خَرَجَ مِنْ الْكُوفَةِ يُصَلِّي أَرْبَعًا، وَاَلَّذِي أَقْبَلَ مِنْ الشَّامِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَقْبَلَ مِنْ الشَّامِ مَاضٍ عَلَى سَفَرِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ الْكُوفَةَ وَاَلَّذِي خَرَجَ عَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ فَصَارَ مُقِيمًا فِي الْحَالِ فَلِهَذَا صَلَّى أَرْبَعًا، وَإِنْ كَانَا دَخَلَا الْكُوفَةَ فَتَوَضَّئَا صَلَّيَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الَّذِي أَقْبَلَ مِنْ الشَّامِ بِدُخُولِهِ إلَى وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ صَارَ مُقِيمًا فَإِنْ كَانَا مُقْتَدِيَيْنِ بِمُسَافِرٍ فَدَخَلَا الْكُوفَةَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ إمَامُهَا صَلَّيَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ حَالَهُمَا مُعْتَبَرٌ بِحَالِ إمَامِهِمَا.وَلَوْ دَخَلَ إمَامُهُمَا وَطَنَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَلَّى أَرْبَعًا، وَإِنْ كَانَ فَرَغَ إمَامُهُمَا مِنْ صَلَاتِهِ، وَقَدْ أَحْدَثَا فَدَخَلَا الْكُوفَةَ صَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مُقْتَدِيَانِ بِهِ وَإِمَامُهُمَا.وَلَوْ صَارَ مُقِيمًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَرْضُهُ فَكَذَلِكَ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُمَا، وَإِنْ تَكَلَّمَا صَلَّيَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُتَابَعَةِ قَدْ انْقَطَعَ حِينَ تَكَلَّمَا، وَقَدْ دَخَلَا وَطَنَهُمَا الْأَصْلِيَّ فَكَانَا مُقِيمَيْنِ فِيهِ يُصَلِّيَانِ أَرْبَعًا (قَالَ): اللَّاحِقُ إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَرْضُهُ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّ اللَّاحِقَ فِي حُكْمِ الْمُقْتَدِي فَيَكُونُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْإِمَامُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَرْضُهُ وَالْمَسْبُوقُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَرِدِ.وَلَوْ نَوَى اللَّاحِقُ الْإِقَامَةَ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ تَغَيَّرَ فَرْضُهُ؛ لِأَنَّ إمَامَهُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَغَيَّرَ فَرْضُهُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ اللَّاحِقُ بَعْدَمَا نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَغَيَّرَ فَرْضُهُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْمُتَابَعَةِ فَصَارَ أَصْلًا وَنِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي الْوَقْتِ مِمَّنْ هُوَ أَصْلٌ يَكُونُ مُغَيِّرًا لِلْفَرْضِ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ الْمُسَافِرَ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَأَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ صَلَّى بِهِمْ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ بِيَدِهِ لَمْ تَتَحَوَّلْ الْإِمَامَةُ عَنْهُ أَلْبَتَّةَ فَإِنَّمَا نَوَى الْإِقَامَةَ وَهُوَ إمَامٌ فَتَغَيَّرَ فَرْضُهُ وَفَرْضُ الْقَوْمِ.وَلَوْ أَخَذَ بِيَدِ مُقِيمٍ فَقَدَّمَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَرْضُ الْمُسَافِرِينَ فَإِذَا أَتَمَّ بِهِمْ الْمُقِيمُ الصَّلَاةَ وَقَعَدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، وَقَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْمُسَافِرِينَ؛ لِأَنَّهُمْ اشْتَغَلُوا بِالنَّفْلِ بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرْضِ فَأَمَّا صَلَاةُ غَيْرِهِ مِنْ الْمُقِيمِينَ فَفَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ اقْتَدَوْا فِي مَوْضِعٍ كَانَ عَلَيْهِمْ الِانْفِرَادُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ هَذَا الْخَلِيفَةُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَوَّلِ، وَالْأَوَّلُ لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ جَمِيعِ الْقَوْمِ وَلَوْ أَنَّ أَمَةً افْتَتَحَتْ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَرَعَفَتْ فَذَهَبَتْ لِتَتَوَضَّأَ فَأُعْتِقَتْ، أَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَمَاتَ سَيِّدُهَا فَأَخَذَتَا الْقِنَاعَ مِنْ سَاعَتَيْهِمَا قَبْلَ أَنْ تَعُودَا إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ جَازَتْ صَلَاتُهُمَا اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِمَا اسْتِقْبَالُ الصَّلَاةِ وَفِيهِ قِيَاسَانِ كِلَاهُمَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَحَدُهُمَا أَنَّ فَرْضَ التَّقَنُّعِ لَمَّا لَزِمَهُمَا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ أَوْجَبَ اسْتِقْبَالَ الصَّلَاةِ كَالْعَارِي لَوْ وَجَدَ ثَوْبًا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ، وَالثَّانِي أَنَّهُمَا لَمَّا رَعَفَتَا وَهُمَا فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ بَعْدُ فَكَأَنَّهُمَا فِي مَكَانِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا تَرَكَتَا التَّقَنُّعَ سَاعَةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُمَا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ قَالَ: هَذَا الْفَرْضُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُمَا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ أَتَيَا بِهِ بِخِلَافِ الْعُرْيَانِ فَهُنَاكَ فَرْضُ السِّتْرِ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ لَكِنَّهُ كَانَ مَعْذُورًا لِلْعَجْزِ، وَالثَّانِي أَنَّهُمَا بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ، وَإِنْ كَانَتَا فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَهُمَا غَيْرُ مَشْغُولَتَيْنِ بِأَدَاءِ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ فَإِذَا أَخَّرَتَا التَّقَنُّعَ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا أَدَاءُ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ مَكْشُوفَتَيْ الْعَوْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَتَا إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ ثُمَّ تَقَنَّعَتَا فَقَدْ وُجِدَ هُنَاكَ أَدَاءُ جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ مَكْشُوفَتَيْ الْعَوْرَةِ، وَهُوَ الْقِيَامُ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُفْسِدًا لِصَلَاتَيْهِمَا، وَهَذَا نَظِيرُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً فَتَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ عَادَ إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ عَادَ إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ بِطَهَارَةِ التَّيَمُّمِ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً فَعَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الصَّلَاةِ رَجُلٌ صَلَّى بِالْقَوْمِ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ فِي مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ أَمُسَافِرٌ هُوَ أَمْ مُقِيمٌ فَصَلَاةُ الْقَوْمِ فَاسِدَةٌ سَوَاءٌ كَانُوا مُقِيمِينَ أَوْ مُسَافِرِينَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ أَنَّهُ مُقِيمٌ وَالْبِنَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ وَاجِبٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ يُجْعَلُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ بِخِلَافِ مَنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْإِمَامُ مُقِيمًا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ جَمِيعِ الْقَوْمِ حِينَ سَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَذَهَبَ فَإِنْ سَأَلُوهُ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مُسَافِرٌ جَازَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ إنْ كَانُوا مُسَافِرِينَ أَوْ مُقِيمِينَ فَأَتَمُّوا صَلَاتَهُمْ بَعْدَ فَرَاغِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا هُوَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَبِمَا لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَيَجِبُ قَبُولُ خَبَرِهِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
|